نصائح للتعافي النفسي من الأحداث الحياتية الصادمة

صحة , No Comment التعافي النفسي من الأحداث الحياتية الصادمة

كتبت/ الاء طه
إنّ فقدان والديك يندرج ضمن الحدث غير الاعتيادي والمفاجئ، ويندرج نفسياً تحت ما يسمى بالأحداث الحياتية الصادمة التي تتسم بالفجائية والعجز، حيث تهز هذه النوعية من الأحداث الأمن النفسي للإنسان وتؤثر على الناس بطرق مختلفة، فبعض الأشخاص يستطيعون تجاوز هذه المرحلة الصعبة خلال فترة قصيرة، وبعضهم قد تطول لديهم هذه الفترة وقد لا يتمكنون من تجاوزها بسهولة، أي تتفاوت درجة الصدمة من قليلة إلى شديدة، وتختلف سرعة الإنسان في تجاوزه لها بناء على عدة عوامل وهي:

  • معنى ومكانة الإنسان المفقود بالنسبة للشخص
  • هل الصدمة مفاجئة أم تدريجية وتم التمهيد لها؟
  • كيف هي البنية والقوة والصلابة النفسية للشخص
  •  خبرات الشخص الحياتية؟
  • المرحلة العمرية للشخص،
  • حاجة الشخص للإنسان المفقود، وجود دائرة الدعم من حوله

إن المراحل التي يمرُّ بها الإنسان أثناء تعرضه للصدمة النفسية كفقدان عزيز عليه وكيفية مواجهته لها هي خمسة مراحل، بدءاً من تلقي الخبر إلى تمكنه من تجاوز هذه المرحلة بسلام، وهي:
المرحلة الأولى: تبلّد المشاعر وحالة من الجمود والمفاجأة عند تلقي الخبر، فلا يعطي الإنسان أي ردّة فعل في اللحظات الأولى، وقد تطول هذه المرحلة لدقائق أو لساعات

المرحلة الثانية: وهي مرحلة إنكار الحدث، حيث يقوم الإنسان كوسيلة دفاع نفسية داخلية بالإنكار وعدم الاعتراف مع نفسه بخسارة ذلك الشخص العزيز

المرحلة الثالثة: وهي الاحتجاج والرفض والتذمر (وهي ما تمرين به الآن)، وكأنّ الإنسان يرفض مع ذاته وفاة قريبه، وهي حالة نفسية عابرة ومؤقتة، وليس لها علاقة بضعف الإيمان بقضاء الله –كما تُفسّر غالباً اجتماعيا

المرحلة الرابعة وهي الكآبة والحزن وضيق الصدر، ويُعبّر عنها كل شخص بطريقته، فمنهم بالانطواء على النفس، ومنهم بالبكاء الشديد، وهذه المرحلة بالرغم من أنها مؤلمة جداً إلا أنها مهمة جداً للتعافي

المرحلة الخامسة وهي القبول، أي قبول الحدث الصادم والبدء بالتخطيط للعودة إلى الحياة الطبيعية ومسؤولياتها، مع الحفاظ الكامل على الوفاء لذكرى الشخص المُتوفّى

 الفكرة الهامة التي يجب قولها هنا: من الصحة النفسية أن تنتقلي من مرحلة إلى المرحلة اللاحقة وصولاً إلى مرحلة القبول، وحتى تتمكني من ذلك عليكِ ألا تتجاوزي أية مرحلة دون أن تعطيها حقها من التفهم والتقبل، وأيضاً من المهم ألّا تظلي مُطولاً عند مرحلة معينة دون تجاوزها والانتقال للمرحلة التالية

معرفتك لهذه المراحل والنقاط الهامة سيجعلك أكثر تفهماً واستبصاراً بذاتك وكيف تتفاعل مع وفاة والديكِ، وبالتالي أكثر وعياً لتجاوز الأمر بسلام

عليك تجنب أمران: لا تضغط على نفسك بإحساس اللوم والذنب، اعتقاداً منك بأن ذلك من الشيطان ولا يتوافق مع الإيمان، فكما أخبرتك سابقاً أن هذه المراحل هي ضرورية جدا على المنحى النفسي لتجاوز الإنسان آثار الصدمة التي تعرض لها

بعض الاقتراحات والنصائح لتجاوز هذه المرحلة الصعبة من حياتكِ بسلام:  

التفكّيرفي الأثر الإيجابي الكبير الذي تركه لكم والدكم، وكم من البذور الجميلة التي زرعها بداخلكم ومن المؤكد أنها ستثمر على مدار السنوات، وهذه الثمرات من أعمال صالحة وأولاد صالحين هم أجمل أثر وأكبر عدّاد للحسنات سيبقى مفتوحاً له دون أي توقف

  • طلب الدعم الذي تحتاجونه من المُقرّبين من العائلة والأصدقاء.
  • قضاء  وقتاً أكبر مع عائلتكِ هذه الفترة.
  •  أخذي وقت للتفريغ عن كل ما تشعرون به في هذه المرحلة من التذمر والرفض، وأخذ وقت لتفهم كل ما تشعرون به، وتقبل مشاعركم أياً كانت بعيداً عن لوم وجلد ذاتك وإطلاق الأحكام على نفسك، فهذه الخطوات هي من أهم الخطوات للتعافي والشفاء من الألم والحزن الناتج عن الصدمة.
  • أخيراً: ولله الحمد أنّ ديننا الحنيف قد علّمنا كيفية مواجهة هذه المواقف الصعبة، وذلك من خلال التسليم لله بقولنا بعد بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156 من سورة البقرة)، فمن قالها وصبر على حزنه ومصيبته، أخذ -بإذن الله- ثواب الصابرين الذي وعدهم الله تعالى به بقوله: (واصبروا إنّ الله مع الصابرين)، وقوله أيضاً: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)، وينبغي على العبد إذا علم وأيقنَ أنّ الله تعالى هو الحكيم العليم، أنّ يبقى دائماً مُطمئناً ومًحتسباً في كل ما يُصيبه.

بحث