حصر أعداد الشائعات غير ممكن بسبب تحويرها وإعادة نشرها
أطرف شائعة تناولت فرض ضريبة على دخول الطلاب المدارس
نتواصل مع المواطنين على مواقع التواصل لإيضاح الحقائق
زيادة معدلات انتشار الشائعات وقت صدور قرارات حكومية مختلفة
كشفت الدكتورة نعايم سعد زغلول، مدير المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، عن أن قطاعات التعليم والتموين والاقتصاد، الأكثر استهدافًا بالشائعات خلال العام المنقضى ٢٠١٨، وذلك بنسب تقدر بنحو ٢١.٥٪ و١٧٪ و١٥٪ على الترتيب. وقالت فى حوارها مع «الدستور»: إن المركز توصل إلى قاعدة عامة لانتشار الشائعات مفادها أنه «كلما زادت الإنجازات فى أى قطاع.. استهدفته الشائعات أكثر»، موضحة أن «زيادة معدلات انتشار الشائعات، ترتبط عادة بمواسم افتتاح المشروعات القومية أو صدور الخطط الهادفة لتحسين حياة المواطن».
وأضافت أن أعداد الشائعات التى واجهتها الدولة المصرية، لا يمكن حصرها فى أرقام محددة، خاصة أن معظمها يجرى إنتاجه أكثر من مرة بعد تحوير مضمونه، ما جعل المركز يلجأ للاعتماد على فرق الشباب فى مواجهتها، نظرًا لكونهم الأكثر تأهيلًا للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعى.
■ بداية.. متى أسس المركز الإعلامى لرئاسة مجلس الوزراء، وما طبيعة عمله؟
– المركز الإعلامى لرئاسة مجلس الوزراء أنشئ فى أغسطس ٢٠١٨، بقرار من الدكتور مصطفى مدبولى ومقره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بالمجلس، بهدف تحقيق التواصل الفعال بين الحكومة بجميع أجهزتها ووسائل الإعلام المختلفة، والرد على كل الشائعات، وتوضيح المعلومات غير الدقيقة فى إطار من الشفافية والمصداقية.
ويعمل المركز على أن يكون حلقة الوصل بين الوزراء ووسائل الإعلام المختلفة، عبر نشر إنجازات وأنشطة الحكومة على الأرض بشكل سهل ومبسط، يشتمل على كل المعلومات المطلوبة لتعريف المواطنين بجهود الدولة والحكومة لحل مشكلات المواطنين، ويوضح أنشطة وإنجازات الحكومة المختلفة فى جميع القطاعات.
ويستخدم الآليات الحديثة للوصول إلى المواطن بأفضل طريقة ممكنة لعرض الموضوعات، ومن بينها وسائل التواصل المرئية، وطرق العرض المختلفة التى تتضمن «الفيديوهات» و«الإنفوجراف» والـ«موشن جراف»، وغيرها، ويضم ٤ وحدات رئيسية، هى: وحدة التواصل مع وسائل الإعلام، ووحدة الإنتاج المرئى والمسموع، ووحدة الإعلام الإلكترونى والتواصل الاجتماعى، بالإضافة إلى وحدة الرصد والتحليل.
■ فى ظل كثرة الشائعات فى السنوات الأخيرة.. كيف يمكن قياس فعالية المركز ومصداقيته لدى المواطنين؟
– يمكن ذلك من خلال عدة آليات، منها متابعة «الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء» على موقع «فيسبوك»، ومدى التفاعل الموجود عليها والتعليقات التى تأتينا من خلالها، خاصة أن هذه التعليقات توجد بها استفسارات ومقترحات يمكن تسجيلها والاستفادة منها، ومن خلال استطلاعات رأى لمعرفة ما يطلبه المتابعون من مجلس الوزراء وتقييم مقترحاتهم بشكل منهجى.
كما أصبح لدينا أيضًا تعاون كبير مع وسائل الإعلام التى تعتبر حاليًا إحدى الآليات التى يمكن بها قياس مدى نجاح المركز، فكلما كانت المعلومات متاحة من قبل المركز وتداولتها وسائل الإعلام، علمنا أننا على الطريق الصحيح. فمثلًا، ركزنا فى الفترة السابقة على حصاد عام ٢٠١٨، وعرضنا كل ما تم فى قطاعات الدولة من إنجازات على مدار العام الماضى بطريقة سهلة ومبسطة وجذابة، ورصدنا التفاعل مع ما يصدر عن المركز الإعلامى فى كل وسائل الإعلام، وقيمنا الطرق التى نجحت بها فى الوصول إلى المواطن.
■ على ذكر تعليقات المواطنين على صفحات مجلس الوزراء.. كيف يمكن للمواطن التواصل معكم وما مدى الاستجابة لآرائه أو شكواه؟
– خصصنا كثيرًا من الوسائل التى تتيح للمواطنين التواصل معنا، منها «الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء» على موقع «فيسبوك»، والتى نتعامل معها بشكل مستمر، وكذلك هناك الاتصال الهاتفى من خلال رقمنا الذى يعمل على مدار ٢٤ ساعة وهو «٠٢٢٧٩٢٧٤٠٧»، بالإضافة إلى البريد الإلكترونى الخاص بنا وهو «rumors@idsc.net.eg».
وفى الآونة الأخيرة أصبحنا نرد على الاستفسارات والشكاوى التى تأتينا من بعض المواطنين بشكل فردى، عبر التواصل معه لتوضيح المعلومة أو الاتصال الهاتفى به حال احتجنا لمزيد من المعلومات حول استفساره أو شكواه، أما إذا عُرض علينا الاستفسار عن شىء ما من أكثر من مواطن، فإننا نبدأ فى التعامل مع الأمر بشكل أوسع على أنه «شائعة»، وبالتالى نحاول جمع المعلومات المتعلقة بها وننشرها بشكل واسع، أو نعمل على إرفاقها بالتقارير الذى تنشر بشكل دورى لتوضيح الحقائق.
■ ما الدور الذى تلعبه «تقارير توضيح الحقائق» الصادرة عن المركز؟
– الهدف الرئيسى للتقارير، دحض الشائعات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعى أو عبر المواقع المعادية للدولة أو فى وسائل الإعلام المختلفة، وينحصر دور التقرير فى الرد على المعلومات المغلوطة وإتاحة المعلومات الصحيحة، وتوضيح الحقائق للمواطن وإمداده بجميع الآليات التى تمكنه من التحقق من المعلومات المقدمة.
■ ما الخطوات التى يتبعها المركز حال رصد أى شائعة؟
– فى هذه الحالة نعمل وفق خطوات محددة، تتضمن: متابعة جميع وسائل الإعلام على مدار الساعة، وقيام باحثينا بالرصد والمتابعة الدقيقة لأى أخبار أو معلومات تنشرها أى جهات معادية للدولة، وهى تلك الجهات التى تتعمد نشر معلومات مغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعى أو القنوات المعروفة بتوجهاتها المعادية، ثم يبدأ فريق شباب الباحثين بالانتشار والرصد الميدانى لجمع المعلومات الكاملة المتعلقة بالموضوع، والتحقق من صحة الشائعة، وتتبع مدى انتشارها فى المواقع والوسائل، خاصة فى مواقع التواصل الاجتماعى.
بعدها نبدأ جمع كل البيانات والمعلومات المرتبطة بموضوع الشائعة، من خلال البحث والاطلاع على التقارير الرسمية والمواقع الإلكترونية والصفحات الرسمية للوزارات، والتواصل مع الجهة المستهدفة بالشائعة، لتحديد موقفها سواء بالنفى أو التوضيح، ثم نقوم بإعداد وصياغة تقرير توضيح الحقائق وإصداره فى صياغته النهائية بشكل دورى.
أما المرحلة الأخيرة فهى النشر الإعلامى، وإمداد جميع وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، خاصة «الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء» على موقع «فيسبوك» بالتقرير، بهدف خلق مصداقية مع المواطن، وحثه على أن يعود إلينا إن أراد التأكد من أى شائعة.
■ هل يعنى ذلك أنكم تردون على كل شائعة يجرى تداولها؟
– نتعامل مع الأمر بصورة منهجية وعلمية، فنحن لا نرد على الشائعة إلا إذا حققت درجة معينة من الانتشار، كما أن الرد يجب أن يتناسب مع طبيعة الشائعة نفسها والطريقة التى انتشرت بها، خاصة تلك التى تعتمد على تحريف التصريحات والمعلومات وتحوير الصياغة و«فبركة» الفيديوهات وغير ذلك.
■ كم عدد الشائعات التى رصدها المركز فى ٢٠١٨؟
– لا يمكن الحديث عن رقم محدد، فقد واجهنا سيلًا من الشائعات، سواء العام الماضى أو منذ بداية العمل فى هذا المجال منذ أكتوبر ٢٠١٤، وصعوبة تحديد الرقم تأتى من كوننا فوجئنا بأن كثيرًا من الشائعات التى نرد عليها يجرى تحويرها وإعادة نشرها أكثر من مرة وربما أكثر من ١٠ مرات، كأن هناك إصرارًا على تداول شائعة بعينها، واستهداف قطاعات جديدة بها، وكل ذلك أصبحنا نحلله بشكل أعمق ونوضح تفاصيله فى تقارير خاصة.
■ ما أبرز الشائعات التى تكررت أكثر من مرة رغم نفيها؟
– فى قطاع التموين كانت أشهر شائعة تتعلق بـ«وقف نقاط صرف الخبز» و«رفع دعم الخبز عن المواطن الذى يزيد وزنه على ٧٠ كيلوجرامًا»، وفى قطاع التضامن الاجتماعى كانت أبرز شائعة هى «وقف معاش تكافل وكرامة»، رغم تزايد أعداد المستفيدين منه فى الواقع، وفى قطاع التعليم كانت شائعة «تحصيل تذكرة دخول يومية من طلاب المدارس قيمتها جنيه»، رغم أن الطلاب يدخلون المدارس ويخرجون منها يوميًا دون أن يطالبهم أحد بأى أموال.
■ ما أطرف الشائعات التى واجهها المركز؟
– أطرفها كانت تتعلق بـ«إعفاء المواطنين من دفع فواتير الكهرباء والمياه لمدة ٤ أشهر»، و«تحصيل تذكرة دخول يومية من طلاب المدارس أو تحميلهم ثمن أوراق الإجابة فى الامتحانات»، كما واجهنا شائعة «تحديد الحكومة حصة يومية لكل مواطن من المياه» و«استبعاد من لديه أكثر من خط محمول من البطاقات التموينية»، و«إضافة مادة كيميائية إلى الخبز للحد من الكثافة السكانية»، ولا يمكن نسيان شائعتى «تأجير الحكومة مقتنيات الملك توت عنخ آمون» و«فرض ضرائب على المواشى».
وفى البداية كنا نظن أن هذه الشائعات من الصعب تصديقها، لكن مع كثرة تداولها أصبحنا مجبرين على الرد، خاصة أن مروجى الشائعات يلجأون عادة إلى استخدام بعض المعلومات الصحيحة فى سياق تجهيز وإطلاق الشائعة، حتى تلقى القبول عند المواطنين، ويلجأون كذلك لاستخدام عناوين خادعة للأخبار لا تتعلق بمضمون الخبر فى ذاته، وكثيرًا ما يقومون باقتطاع جزء من سياق كلام أحد المسئولين وتصديره للمواطنين على أنه قرار جديد يستهدفهم.
■ ما أكثر القطاعات المستهدفة بالشائعات خلال ٢٠١٨؟
– قطاع التعليم كان له نصيب الأسد، بنسبة ٢١.٥٪ من الشائعات، ولنا أن نتخيل أننا حتى الآن اضطررنا إلى إصدار ٥ تقارير جديدة فى ٢٠١٩، تتعلق بشائعات هذا القطاع وحده، ويليه قطاع التموين بنسبة ١٧٪، ثم قطاع الاقتصاد بنسبة ١٥٪، ثم الصحة بنسبة ١٢٪، وآخرها كان التضامن بنسبة ٦.٥٪.
■ فى رأيك.. لماذا يجرى التركيز على هذه القطاعات دون غيرها؟
– من خلال عملنا فى الرصد والتحليل، وجدنا أن هذه القطاعات مرتبطة بقرارات أو إنجازات تحدث على أرض الواقع. فمثلًا قطاع التعليم يمر بحالة تطوير ووضع استراتيجية جديدة، لذا تنطلق الشائعات لإفشال هذه الاستراتيجية، وكذلك قطاع التموين نجح فى تحقيق عدد من الإنجازات، كما أنه يمس قطاعًا كبيرًا من المواطنين.
وبالتالى فإن انطلاق الشائعة يعمل على إثارة البلبلة عند المواطنين، ليصيبهم بالإحباط، فلا يقومون بدورهم فى المجتمع، وعلى العموم يمكن تلخيص الأمر فى جملة واحدة: «كلما زادت الإنجازات فى أى قطاع، استهدفته الشائعات أكثر»، ليرتبط انتشارها بمواسم افتتاح المشروعات القومية أو صدور الخطط الهادفة لتحسين حياة المواطن.
■ ما أهم التوقيتات التى ينشط فيها مروجو الشائعات إذن؟
– لاحظنا زيادة معدلات انتشار الشائعات فى التوقيتات التى ترتبط بالأحداث المهمة أو صدور قرارات حكومية مختلفة. فمثلًا تزداد الشائعات بشكل كبير كلما اقترب موعد حصول الدولة على شريحة جديدة من قرض صندوق النقد الدولى، ومع بدء تدشين مبادرة «١٠٠ مليون صحة»، وصدور قرار تنقية مستحقى معاش «تكافل وكرامة»، ومع إقرار المنظومة التعليمية الجديدة، وأخيرًا عند صدور قرار تنقية بطاقات التموين.
وبشكل عام يكثر ترويج الشائعات كلما نجحت الحكومة فى تحقيق إنجازات أثناء تنفيذ المشروعات القومية، أو أصدرت خطط تطوير القطاعات الخدمية المختلفة كالصحة والتعليم، ومع قرب حلول المناسبات كالأعياد وبداية العام الدراسى وقرب الامتحانات.
كما أنها تستهدف أيضًا فترات إجراء التعديلات الوزارية وصدور حركة المحافظين، وتطبيق الإجراءات الاقتصادية الخاصة بالرفع التدريجى للدعم، بالإضافة إلى فترات الأزمات خاصة فى مسألة عدم توافر بعض السلع.
■ هل هناك مصادر محددة تنطلق منها هذه الشائعات؟
– للأسف ليس هناك مصدر محدد لهذه الشائعات، بل تصدر عن عدة وسائل، منها مواقع التواصل الاجتماعى عبر استخدام حسابات وهمية للمسئولين، والمواقع الإعلامية والقنوات الفضائية المعادية للدولة، كما أن بعضها يصدر عن بعض الصفحات الإلكترونية أو حسابات الأشخاص الذين يقومون بتحريف التصريحات بشكل متعمد، وكذلك من بعض المواقع التى تنشر المعلومات بصورة غير دقيقة دون التأكد من صحتها.
■ كيف يمكن مواجهة هذا السيل من الشائعات؟
– بالقانون، فقد صدرت مؤخرًا عدة قوانين تهدف لتنظيم تداول المعلومات وزيادة الرقابة على الإنترنت، للحد من الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعى، خاصة فيما يتعلق بالترويج للشائعات وغيرها من الأخبار الكاذبة التى تهدد الأمن القومى المصرى، ولا يمكن إغفال الدور الذى تلعبه قوانين تنظيم الصحافة والإعلام ومكافحة الجرائم الإلكترونية فى هذا الشأن، كما أن الدولة تسعى أيضًا للانتهاء من إصدار قانون حرية تداول المعلومات.
ومواد هذه القوانين تحظر على أى موقع أو حساب إلكترونى شخصى يبلغ عدد متابعيه ٥ آلاف متابع أو أكثر أن يقوم بنشر الأخبار الكاذبة والأخبار التى تدعو إلى العنف والكراهية، وهنا يحق للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام اتخاذ جميع الإجراءات ضده، بما فى ذلك وقف وحجب المنصة الإلكترونية التى ترتكب هذه الممارسات. كما أن القانون أيضًا يمكننا من التقليل من الحسابات الوهمية التى تستخدمها الميليشيات الإلكترونية للترويج للشائعات والأخبار الكاذبة، بعدما تم اعتبار هذه المخالفات جريمة إلكترونية تعرض من يفعلها لعقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ٣ أشهر وغرامة لا تقل عن ١٠ آلاف جنيه ولا تزيد على ٣٠ ألف جنيه.