جرتْ العادة فى الثقافة المصرية، أنه عندما تتم الإطاحة بمسؤول حكومى، تتسارع وتيرة الشماتة من الذين كانوا يعملون تحت إمرته، ويتبادلون التهانى فيما بينهم، ويبحثون كيفية تقديم الولاء والطاعة للمسؤول الجديد. ولكن هذه الحالة لم تحدث اليوم فى “معهد القلب” بإمبابة، عندما استيقظتْ وزيرة الصحة والسكان الدكتورة “هالة زايد” من نومها المستمر وسُباتها الدائم، وقررت الإطاحة بطبيب القلب المعروف الدكتور “جمال شعبان” من منصبه كعميد للمعهد، حيث تظاهر الأطباء والممرضون والموظفون والعمال؛ احتجاجاً واعتراضاً على قرار معالى الوزيرة.
بحسب أطباء المعهد، فإن الدكتور “جمال شعبان” الذى تم تعيينه عميداً للمعهد، قبل 6 أشهر فقط، أحدث طفرة حقيقية خلال فترة وجيزة، انعكستْ على رفع مستوى كفاءة الخدمة الطبية المُقدمة لمرضى القلب، وتمكن من حل جميع المشكلات والأزمات العالقة داخل المعهد، كما أظهر الرجلُ التزاماً وكفاءة يفتقدهما قطاع كبير من المسؤولين الحكوميين، حتى أنه كان يحضر إلى مكتبه فى السابعة صباحاً.
من المؤكد.. أن معالى الوزيرة لن تجرؤ على ذكر الحيثيات الحقيقية بشأن التخلص من الدكتور “جمال شعبان” بهذه الطريقة المؤسفة التى لا تناسب شهرة الرجل وكفاءته ومكانته المرموقة، من قبل أن يعرف المصريون اسم الوزيرة الحالية قبل شهور قليلة.
لن تقول الوزيرة إنها انزعجتْ من الطفرة التى حققها الدكتور “جمال شعبان” داخل المعهد، بالشكل الذى جعله حديث الصباح والمساء فى وسائل الإعلام، ما دفع مالك قناة المحور الدكتور “حسن راتب” إلى أن ينقل “صالون المحور” إلى المعهد، قبل أيام، تقديراً لعميده النابه وتشجيعاً على استكمال نجاحه، وبحضور كوكبة من الشخصيات المعروفة.
لن تقول الوزيرة، التى تمكنت من تقزيم وزارة الصحة والسكان، خلال وقت قياسى، إنها خشيتْ من تضاعف شهرة الرجل وارتفاع أسهمه، خلال وقت قياسى أيضاً، وطرح اسمه على نطاق واسع؛ ليكون بديلاً لها كوزير للصحة والسكان.
المؤسف، أن الوزيرة، التى استأسدت على طبيب نابه ومدير كفء، غضتْ الطرف وتجاهلت مخالفات وتجاوزات وخطايا الدكتور “شريف أبو النجا” فى إدارة مؤسسة ومستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال، واستطاعت بعلاقاتها ونفوذها من الطرمخة عليها، باعتبار أن الأخير صاحب الفضل فى استوزارها، بعدما أسند لها إدارة أكاديمية غير مرخصة، داخل عزبته الكبيرة التى يحكمها بأموال المتبرعين الذين يدفعون أموالهم؛ للتخفيف عن الأطفال الذين التهمهم المرض اللعين، وليس للترفيه عن “أبو النجا” و أصدقائه.
الإقالة المباغتة لـ “جمال شعبان” من منصبه، لا يجب أن تكون مجرد سطر عابر فى صحيفة ورقية أو ألكترونية، ولكنها دليل دامغ على كيفية الإدارة فى مصر بعد ثورتين، وأنه لا يجب على المسؤول الحكومى إلا أن يكون “خيال مآتة” أو ظلاً لسيده الوزير أو الوزيرة، حتى لا تتم الإطاحة أو التنكيل به.
إن “كيد النساء” .. لن يحقق التقدم المنشود الذى تبحث عنه مصر وسط جبال من التحديات والمعوقات فى الداخل والخارج، وسوف يقتل طموح أى مسؤول يريد أن يقدم خيراً لهذا البلد..