حرب أكتوبر مفاجآت ومعلومات ستصدمك

تقارير , No Comment حرب أكتوبر

كتبت / آية عبد الهادي

تعتبر حرب أكتوبر 1973 من الحروب التي ستظل يتحدث عنها التاريخ لفترة طويلة كونها كانت ملحمة عسكرية مصرية متكاملة الأركان ، لقد فرضت المعجزة المصرية نفسها حينذاك على كل وسائل الإعلام الدولية عامة والأمريكية خاصة رغم انحياز واشنطن الواضح لإسرائيل، لكن الإنحياز لم يتحمل هول صدمة المفاجأة، فتصدر نصر اكتوبر صدر عناوين مختلف وسائل الإعلام.

ملحمة لإعادة بناء القوات المسلحة المصرية

لقد مر نصف قرن على حرب أكتوبر المجيدة، وكانت هذه لحظة فارقة في الشرق الأوسط، نتيجة ملحمة لإعادة بناء القوات المسلحة المصرية، وتطوير أداء مصر السياسي، واستعادة الشعب المصري لثقته في النفس، وعودة مصر إلى وضعها الطبيعي ومكانتها المتميزة في الشرق الأوسط.

وفي السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973م، الموافق العاشر من رمضان 1393هـ، شنت مصر وسوريا حربا ضد إسرائيل، لاستعادة أرض سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية المحتلة، قبل أن يتوقف إطلاق النار في 24 من الشهر نفسه.

حرب أكتوبر

أسباب حرب أكتوبر
كانت حرب أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان نتيجةً لحرب 1967 المعروفة بـ “حرب الأيام الستة” وهي الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة، التي كانت بين إسرائيل والدول العربية المجاورة لها، فقررت مصر وسوريا التخطيط والتجهيز لاسترجاع حقوقهما وأراضيهما المحتلة بالقوة للأسباب التالية:
-التعنت الإسرائيلي في حل الأزمة وإرجاع الأراضي المغتصبة بالطرق السلمية.
– رفض إسرائيل لمبادرة روجرزفي عام 1970 المقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية.
– المماطلة في تنفيذ قرار مجلس الأمن 242.

لا يخفى على أحد أن نكسة 1967 القاصية هزت الشعبين المصري والعربي، ورسخت شعوراً عربياً وإسرائيلياً زائفاً بأن الدولة المعتدية قوة لا تقهر، وبعد بعد شهور من النكسة التاريخية، بدأت ملحمة تحرير سيناء، والتجهيز لحرب التحرير، وفي يونيو 1968 انطلقت حرب الاستنزاف التي نقلت الإستراتيجية المصرية من مرحلة الصمود إلى مرحلة الردع.

في 28 سبتمبر/أيلول 1970، توفي الرئيس عبد الناصر، ليتولى المنصب بعده محمد أنور السادات الذي لم يكن أمامه من خيار سوى الإعداد لتحرير الأرض المحتلة، وهو ما استمر على مدار أكثر من عامين.
وكان الرئيس المصري أنور السادات قد سعى من دون جدوى لتحريك عملية سلمية عربية، إسرائيلية قبل الحرب، وطرح مبادرات مختلفة من ضمنها، فتح قناة السويس لمرور السفن المدنية في حال انسحاب القوات الإسرائيلية 50 كيلومتراً شرقاً، وأوفد مستشاره للأمن القومي حافظ إسماعيل لمقابلة هنري كيسنجر سراً في باريس ونيويورك عام 1973، إلا أن الجانبين الإسرائيلي والأميركي لم يأخذا المبادرة بجدية لشكهم في قدرة مصر والعالم العربي على تحريك الأمور، بخاصة بعد أن طلب السادات من الخبراء الروس مغادرة البلاد قبل ذلك بعام، مما خلق توتراً بينه وبين القيادات الروسية المورد الرئيس للسلاح المصري. وتقتضي الأمانة الاعتراف أيضاً بأن الشك في إمكان تحريك الجبهة لم يكن شعوراً بعيداً مني وأنا في السنة النهائية من دراستي الجامعية، أو من غالبية الشعب المصري بمختلف فئاته، الذي كان لا يزال متأثراً بتداعيات شعبية ومعنوية قاصية لحرب 1967، على رغم الجهود الذي بذلت والتضحيات في حرب الاستنزاف، بل إنه كان شعوراً سائداً ومنتشراً إقليمياً ودولياً.

في ظل هذه الظروف الصعبة، أخذ أنور السادات القرار الشجاع والصائب ببدء حرب 1973، وخطط بحكمة لشن حرب محددة الأهداف العسكرية بالتنسيق مع سوريا، من أجل غربلة المعادلة السياسية، وتهيئة المناخ لإجراء مفاوضات عربية، إسرائيلية ، متطلعاً أن تنتهي حتماً بإعادة الأراضي المصرية المحتلة، وبسلام عربي، إسرائيلي شامل، وبتلبية الطموحات الوطنية للشعب الفلسطيني.

الخطة المصرية في حرب أكتوبر 1973

تتمثل خطة العبور المصرية في مجموعة الخطط العسكرية التي اعتمدت عليها في تنفيذ العبور في حرب العاشر من رمضان، وقد اعتمدت مصر وسوريا في حربهما ضد إسرائيل على الخداع الاستراتيجي. وقد اهتمت بوضع خطة خداع استراتيجي متكاملة لكي تستطيع التغلب على الفارق الكبير في التقدم التكنولوجي والتسليحي للجيش الإسرائيلي آنذاك.
وقد اعتمدت خطة الخداع الاستراتيجي على ستة محاور رئيسية، التي تمثل في:
-إقامة تحصينات لحماية الأفراد والمعدات الحربية والذخيرة والأسلحة.
-حفر خنادق ومرابض النيران والمدفعية وتجهيزها من أجل هذا اليوم.
-اهتمت بتجهيز مراكز القيادة والسيطرة.
-إقامة السواتر الترابية غرب القناة.
-إنشاء هضبات حاكمة على الساتر الترابي؛ لكي تستخدمها في احتلالها للدبابات والأسلحة المضادة للدبابات.
-إنشاء شبكة صواريخ مضادة للطائرات.
ومنعًا لضرب القواعد الجوية وضربها، تم إنشاء ملاجئ ودشم خرسانية خاصة للطائرات والأسلحة الجوية والصواريخ المضادة للطائرات، وقد زودت بأبواب من الصلب؛ لحمايتها من القصف.
-إنشاء 20 وحدة ومطار جديد وتزويد كل منها بوحدات هندسية لسرعة الترميم في حالة القصف.
تزويد قوة المشاة بأسلحة دعم ومعدات خاصة تتناسب مع ظروف العبور.
جعل ليبيا والسودان العمق العسكري واللوجيستي لمصر؛ حيث تدرّب الطيارون المصريون في القواعد اللليبية، ونُقلت الكلية الحربية المصرية إلى السودان بعيدًا عن مدى الطيران الإسرائيلي.
تم تزويد مصالح الدفاع المدني بمعدات إطفاء قوية وحديثة، ومنها طلمبات المياة التي استخدمت في تذويب الساتر الترابي “خط بارليف”.
دخول مصر وسوريا قبل الحرب في مشاريع الوحدة مع ليبيا والسودان، مما أدى إلى إيصال حالة استرخاء إلى إسرائيل جعلتها تقتنع بعدم وجود أي نية لخوض حرب ضدها.

ر

الهجوم المصري في حرب أكتوبر….

جاء الهجوم في 6 أكتوبر 1973، وقد حدد الجيشان المصري والسوري موعد الهجوم في الساعة الثانية بعد الظهر، وافق يوم حرب أكتوبر في تلك السنة عيد الغفران اليهودي، ونظرًا لأهمية هذا العيد اليهودي تتعطل أغلبية الخدمات الجماهيرية الإسرائيلية بما في ذلك وسائل الإعلام ووسائل النقل الجوي والبحري، كما وافق هذا التاريخ العاشر من رمضان، حيث يصوم المسلمون ومن وجهة نظر الإسرائيليين هو وقت غير مناسب للهجوم والحرب.

بدأت الحرب في مصر في الساعة الثانية بعد الظهر بأول ضربة جوية من سلاح الجو المصري باتجاه الجيش الإسرائيلي، وقد نفذت 220 طائرة حربية مصرية الضربة الجوية على الأهداف الإسرائيلية شرقي القناة، عبرت الطائرات على ارتفاعات منخفضة للغاية؛ لتفادي الرادارات الإسرائيلية، وقد استهدفت المطارات ومراكز القيادة ومحطات الرادار والإعاقة الإلكترونية وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصافي النفط ومخازن الذخيرة، وقد حققت 95٪ من أهدافها الموضوعة.

بعد عبور الطائرات المصرية بخمس دقائق بدأتِ المدفعية المصرية قصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية الواقعة شرق القناة بشكلٍ مكثف؛ تحضيرًا وتأمينًا لعبور الجنود المشاة، وبدأ المهندسون في تعطيل الأنابيب التي تنقل السائل المشتعل المستخدم في إشعال سطح مياه القناة، في الوقت نفسه فتح ثغرات في الساتر الترابى باستخدام خراطيم مياه شديدة الدفع، وقد حطمت خط بارليف المنيع، على حد وصف الإسرائيليين له فكرة اللواء المهندس المصري (باقي زكي يوسف) الذي فكر في مواجهته باستخدام ضغط الماء المنبعث من خراطيم المياه، الذي أطلق عليه (محطم خط بارليف) فيما عُرف تحطيمه بـ “الثغرة” الذي قد وصفته وكالة (اليونايتد برس) بأنه أسوأ نكسة عسكرية أصيبت بها إسرائيل في تاريخها.

في تمام الساعة 20:30 اكتمل بناء أول جسرٍ ثقيلٍ، وفي تمام الساعة 22:30 اكتمل بناء سبع جسورٍ أخرى وبدأت الدبابات والأسلحة الثقيلة تتدفق نحو الشرق مستخدمةً الجسورَ السبعَ وإحدى وثلاثين معدية.

في تمام 18:30 بدأت مشاة في عبور القناة بعبور ألف ضابط وثلاثين ألف جندي من خمس فرق مشاه عبروا القناة، حتى عبر القناة 8,000 من الجنود المصريين، ثم توالت موجتا العبور الثانية والثالثة ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60,000 جندي.

وعلى رغم القلق الأولي مع اندلاع المعارك، إلا أن الحرب أعادت الثقة للشعبين المصري والعربي، نتيجة الدور البطولي للقوات المسلحة المصرية الباسلة، تحت قيادة المشير أحمد إسماعيل، وجهد وتضحيات لا تنسى لضباطها وجنودها، من أعلاهم رتبة إلى أصغر جندي، قوات قهرت حائط بارليف المنيع، وكسرت شوكة الغرور الإسرائيلي، بأداء عسكري رفيع فاق كل التوقعات، قوات انطلقت حباً للوطن، مضحية من أجل ترابها، على رغم علمها بالتحديات والصعوبات والقلق الذي كان سائداً عن تأمين السلاح الكافي والملائم للعمليات العسكرية.

ومن أهم أهداف وإنجازات حرب أكتوبر كان إنهاء الغرور الإسرائيلي السياسي، بأنها قادرة على استمرار الاحتلال وتجاهل حقوق مطالب الدول العربية، وإفاقة الولايات المتحدة أن استمرار النزاع العربي – الإسرائيلي سيكون له تداعيات مباشرة على الساحة الدولية، وفرضت الحرب محور المفاوضات خياراً وسبيلاً.

وأعاد قرار الحرب والأداء العسكري المصري البطولي إلى مصر مكانتها في الساحتين الإقليمية والدولية، ومع قرب نهاية الحرب استقبل الرئيس الأميركي نيكسون، إسماعيل فهمي مبعوثاً عن السادات ووزير الخارجية بالإنابة حينذاك، وأبلغه نيكسون أن مصر أثبتت أنها محرك رئيس واستراتيجي في المنطقة، وأن الولايات المتحدة ستعاملها على هذا الأساس، بل خرق نيكسون كل القواعد البروتوكولية وصاحب الوزير المصري إلى سيارته تقديراً لمصر وشخصه، وكلها دلالات على أن الحرب المجيدة غيرت الواقع في الشرق الأوسط والمنظور الوطني والدولي لمصر والعالم العربي.

نتائج حرب أكتوبر
– استرداد السيادة الكاملة المصرية على قناة السويس.
– استرداد قسم من مرتفعات الجولان التي تشمل مدينة القنيطرة ورجوعها إلى السيادة السورية.
– استرداد جميع الأراضي المحتلة في شبه جزيرة سيناء.
– تحطم أسطورة أن الجيش الإسرائيلي لا يُقهر حيث ظهر خطأ هذه المقولة في مدة زمنية بسيطة تبلغ ست ساعات فقط، وهي المدة التي استغرقها الجيش المصري في عبور قناة السويس وهدم خط بارليف.
– من نتائج حرب أكتوبر عودة الملاحة إلى شكلها الطبيعي في يونيو 1975.
لحرب أكتوبر أثر بالغ على مستقبل مصر في جميع النواحي وكذلك سوريا.
لحرب أكتوبر أثرها الذي لا يمكن إغفاله فيما يخص استقرار المنطقة العربية ومستقبل كل الدول العربية.
أثرت حرب أكتوبر على العلاقات العربية بينها وبين القوى العالمية العظمى.

حرب أكتوبر كانت عملاً عسكرياً مبدعاً بغرض بدء عملية سلام تفاوضية، وأول خطوة في عملية السلام كانت أول طلقة نيران عسكرية، وأول قفزة لجندي مصري لعبور قناة السويس، وذلك ليس كلاماً مرسلاً أو عاطفياً، لأن بدء المفاوضات المجدية يتطلب إقناع الطرف الآخر بأن مغبة عدم التفاوض أصعب وأكثر بكثير من الشروع في هذا الجهد، وهو ما نجحت فيه القوات المسلحة المصرية.

تحية لأبطال مصر سياسيين وعسكريين ودبلوماسيين، وتحية للشعب المصري في هذه الذكرى الخالدة لحرب مجيدة غيرت الواقع وشكلت المستقبل، ورحم الله من فقدناهم أثناء المعارك أو عبر السنين

بحث