تحيي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، بمقرها في باريس يوم الاثنين القادم، فعاليات “اليوم الدولي لمحو الأمية”، وتقيم بهذه المناسبة مؤتمرا دوليا وحفلا رسميا لتوزيع الجوائز الدولية لمحو الأمية، والتي ستمنح هذا العام لمشاريع من الجزائر وكولومبيا وإندونيسيا وإيطاليا والسنغال.
وخصصت الجائزة في نسختها لعام 2019 لتكريم الأعمال المتميزة في إطار الموضوع المختار لهذا العام وهو “محو الأمية والتعددية اللغوية”، حيث يعد تبني التنوع اللغوي في تطوير التعليم ومحو الأمية أمراً أساسياً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ونظرا لكل التحديات التي فرضها عصر العولمة والرقمنة الذي نمر به على التعددية اللغوية، فإن قرابة 40% من سكان العالم يفتقرون إلى التعليم باللغات التي يتحدثون بها أو يفهمونها وتمثّل هذه النسبة مشكلة خطيرة أمام الجهود التي تبذلها اليونسكو لمحو الأمية بلغة المتعلمين الأم.
وتقدم اليونسكو جائزتها للاستراتيجية الوطنية لبرنامج محو الأمية المتعدد اللغات التابع للمكتب الوطني الجزائري؛ تكريماً للجهود التي يبذلها في سبيل محو الأمية لدى البالغين باستخدام اللغتين الوطنيتين الأمازيغية والعربية.
وكان المكتب الوطني لمحو الأمية وتعليم البالغين (ONAEA) قد أطلق برنامج متعدد اللغات في عام 2016 لدعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لعام 2008 لمحو الأمية، بعد اعتماد الأمازيغية كلغة رسمية وطنية بالإضافة إلى اللغة العربية والتي تتضمن دورة تدريبية لمحو الأمية لمدة 18 شهرا للبالغين باللغتين الرسميتين، مع التأكيد على أهمية البدء بالتعلم بلغة أم لاكتساب لغات أخرى وتصبح متعلمة مدى الحياة.
وتقدم الجائزة أيضا إلى شركة صناعة ألياف المنسوجات في السنغال (SODEFITEX)؛ تكريما لجهودها في سبيل محو الأمية الوظيفية لدى المزارعين في جنوب السنغال وتزويدهم بالتدريب المهني.
كما تقدم جوائز اليونسكو إلى 3 برامج تحظى بدعم الصين وتعود بالمنفعة على سكان الريف والشباب غير الملتحقين بالمدارس، وهي برنامج “أوبراس إسكويلا” التابع لمنظمة “كاماكول أنتيوكيا”، وهي منظمة كولومبية والذي يقوم بالتعلم المرن في مجال محو الأمية باللغتين الإسبانية والإنجليزية للعاملين في مجال البناء سواء كانوا قد تلقوا تعليماً مسبقاً في هذا المجال أو لا، وبرنامج اللغة البالية ويكي (BASAbali Wiki) التابع لمجموعة وكالة بالي الثقافية “BASAbali#” الإندونيسية، وهي مبادرة قاموس ويكي متعدد وسائط مخصص للحفاظ على اللغات المحلية والنهوض بها، إلى جانب اللغات المنطوق بها على الصعيدين الوطني والدولي.
كما تقدم الجائزة إلى مبادرة أخبرني (TELL ME)، وهو اختصار لـ”مسرح التعليم ومحو الأمية لدى المهاجرين في أوروبا”، التابع للمنظمة الإيطالية غير الربحية، (اللجنة الجديدة لجائزة نوبل لذوي الاحتياجات الخاصة)، وتعمل المبادرة على تحسين مهارات محو الأمية لدى المهاجرين من خلال اتباع نهج تعليمي قائم على المسرح يستخدم أسلوب السرد القصصي بلغة الأم للمتعلمين قبل الانتقال تدريجياً إلى تعلم لغة البلدان المضيفة.
وقالت أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو، إن محو الأمية يمثل نقطة الانطلاق لأي شكل من أشكال التعليم الشامل والجيد، وإننا بحاجة إلى دعم وتوسيع نطاق عمل المبادرات العديدة التي تُعني بمحو الأمية في جميع أنحاء العالم وتسعى لجعله حقاً واقعاً يتمتع به الجميع.
وكانت اليونسكو قد أعلنت يوم 8 سبتمبر يوماً دولياً لمحو الأمية (ILD) في عام 1966 لتذكير المجتمع الدولي بأهمية محو الأمية للأفراد والمجتمعات والمجتمعات، والحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل مزيد من مجتمعات القراءة والكتابة.
وتشير تقارير اليونسكو إلى أن التنوع اللغوي يتعرض بشكل متزايد للتهديد مع ازدياد اندثار اللغات، كما أن 40% من السكان حول العالم لا يحصلون على التعليم بلغة يتحدثونها أو يفهموها، ولكن هناك تقدما ملموسا في إطار التعليم متعدد اللغات القائم على اللغة الأم، وما يقترن به من فهم متزايد لما يمثله من أهمية، ولاسيما في المراحل المبكرة من التعليم، فضلاً عن تزايد الالتزام بتطويره في الحياة العامة.
وتشكل اللغات أساس وجود المجتمعات متعددة اللغات والثقافات، فهي الوسيلة التي تتيح صون ونشر الثقافات والمعارف التقليدية على نحو مستدام، والتنوع اللغوي وتعدد اللغات جزء لا يتجزأ من التنمية المستدامة.
ويشير تقرير معهد اليونسكو للإحصاء لعام 2018، أنه لا يزال 750 مليون شخص بالغ يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة الأساسية، و102 مليون شخص منهم من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، في حين أن 250 مليون طفل يفشلون في اكتساب مهارات القراءة والكتابة الأساسية.
وفي الوقت نفسه، هناك 192 مليون شخص يعانون من البطالة في العالم، ويعجز جزء كبير منهم عن إيجاد سبل عيش كريمة بسبب افتقارهم للمهارات الأساسية، ومنها مهارات القراءة والكتابة، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على اكتساب المهارات المطلوبة في سوق العمل.
وكشف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، أن أكثر من 1.9 مليون طفل أجبروا على ترك المدارس في غرب ووسط إفريقيا بسبب تصاعد الهجمات وتهديدات العنف الموجهة ضد التعليم، حيث تم إغلاق 9 آلاف و272 مدرسة (في بوركينا فاسو، والكاميرون، وتشاد، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومالي، والنيجر، ونيجيريا)؛ نتيجة لانعدام الأمن.