تصاعد التوتر بين الهند وباكستان «يضبط مزاج» مصدري الشاي في كينيا

أخبار عالمية , No Comment

“مصائب قوم عند قوم…فوائد”، هذا هو لسان حال مصدري الشاي في كينيا الذين أضحوا من أكثر المستفيدين من تصاعد حدة التوتر الأخير بين الهند وباكستان والتهديدات باندلاع حرب خامسة جديدة بين البلدين بسبب النزاع على إقليم كشمير.

وقد تسببت التوترات الأخيرة بين نيودلهي وإسلام آباد في اتخاذ الهند قرار إلغاء “حالة الدولة الأولى بالرعاية” MFN التي كانت تتمتع بها باكستان في المعاملات التجارية الثنائية، وهو قرار تمنحه دولة ما لأخرى لتمكينها من تيسير المبادلات التجارية فيما بينهما.

وجراء قرار نيودلهي الأخير، بات من الصعب على الشاي الهندي أن يعبر الحدود الملتهبة إلى الدولة الجارة باكستان التي اتجهت بدورها إلى شراء المزيد والمزيد من الشاي الكيني ، وبالطبع نزل القرار برداً وسلاماً على قلوب منتجي ومصدري الشاي في كينيا، على الرغم من توقعات “إدارة الشاي الوطنية” الكينية بحدوث هبوط في صادرات البلاد من الشاي خلال العام الجاري لتصل إلى 416 مليون كيلوجرام مقابل المستوى المرتفع الذي تحقق في العام السابق عليه حين بلغ 474 مليون كليوجرام.

وكانت الهند قد ألغت في وقت سابق هذا العام قرار “الدولة الأولى بالرعاية” لباكستان في أعقاب تفجير انتحاري تعرضت له قوات هندية مرابضة في إقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان ، وبادر وزير المالية الهندي، آرون جيتلي بإعلان القرار في تغريدة على حسابه الشخصي على موقع تويتر، وهو ما يؤدي إلى “رفع الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الباكستانية كافة بنسبة 200 في المائة، وتدخل حيز التنفيذ فوراً.” حسبما ورد في التغريدة.

ونقلت وسائل إعلام هندية عن رئيس مجلس إدارة “اتحاد مصدري الشاي في جنوب الهند”، ديباك شاه، قوله إن واردات باكستان من الشاي الكيني مرشحة للزيادة الملحوظة على خلفية تصاعد التوترات الأخيرة بين الهند وباكستان.

وقال شاه في تصريحات لصحيفة “هيندو بيزنيس لاين” “إلى ذلك لمسنا أثر ذلك في تحركات الأسعار من خلال رصد ارتفاع أسعار الشاي الكيني بواقع ما بين 17ر0 إلى 21ر0 من الدولار لكل كيلوجرام.. ولاحظنا أيضاً أن هناك عقوداً قليلة أبرمت لكنها لم تنفذ في أعقاب الهجمات الإرهابية، نظرا لتخوف المصدرين من تنفيذها وتبنيهم موقفاً أكثر حذراً.”

وتستورد باكستان ما يزيد على 70 مليون كيلوجرام من الشاي سنوياً. ويرى متابعون للسوق أن أسواق باكستان ستحرم من الشاي الهندي الرخيص القادم من الجنوب، الذي كانت تكثر من شرائه في الأوقات العادية ويمثل النسبة الغالبة من فاتورة الاستيراد.

ووسط توقعات ارتفاع أسعار الشاي وأثرها السلبي على “مزاج” المستهلك الباكستاني الذي سيحرم من الصنف الهندي القريب والرخيص، فإن الأمر جاء كما لو كان طوق نجاة لمنتجي ومصدري الشاي في كينيا التي كانت تكافح من أجل البحث عن أسواق جديدة لمنتجها من الشاي بعد أن تضررت واحدة من أهم الأسواق المستوردة للشاي الكيني، إيران، عقب تشديد الولايات المتحدة من عقوباتها التجارية والاقتصادية عليها. هذا فضلاً عن الخطط التي تعتزم طهران وأنقرة تبنيها بشأن الاشتراطات التجارية والتي ينتظر أن تتسبب في منع التجار الكينيين من المعاملات التجارية مع كلا البلدين.

وفي الوقت الذي كان الأسواق تغلق في وجه الشاي الكيني، تهبط باكستان من السماء لتصبح أكبر مشتر لكل أصنافه، ليمثل نسبة 45 في المائة من إجمالي واردات باكستان من الشاي، وبما تزيد قيمته على 500 مليون دولار.

ويقول المدير العام لـ”اتحاد تجارة الشاي في شرق أفريقيا”، إدوارد موديبو، “كنا على الدوام من أكبر الموردين للشاي إلى باكستان.. ومع تصاعد الحروب التجارية الدائرة والتصعيد العسكري بين الدولتين (الهند وباكستان)، قد نشهد قفزة في الطلب على منتجاتنا من الشاي”.

وأشار المسؤول الكيني إلى أن التقارير الأسبوعية ستظهر كم الزيادة المرتقبة في الكميات والأسعار وقدر الاستفادة التي ستعود على البلاد بزيادة الطلب على الشاي.

المعروف أن كينيا تعتمد بصفة رئيسية على أسواق باكستان ومصر والمملكة المتحدة والسودان والإمارات العربية المتحدة في تصدير منتجها من الشاي. غير أن كميات الشاي المشتراة من تلك الدول عرفت تراجعاً خلال السنوات الأخيرة بسبب قيود تجارية فرضتها بعض الدول على تلك الصادرات.

وقد بلغ إنتاج كينيا من الشاي ذروته في العام الماضي 2018 حين حقق 474 مليون كيلوجرام فيما سجلت 415 مليون كيلوجرام من صادرات الشاي في عام 2017 و في العام الماضي وحده جنى مزارعو الشاي الكيني 4ر1 مليار دولار مدعوماً بتنامي الكميات المصدرة خلال ذلك العام لتعوض التراجع الذي شهدته الأسعار الدولية. كانت تلك المكاسب هي الأكبر خلال السنوات الخمس الأخيرة بزيادة بلغت 110 ملايين دولار عن مكاسب العام 2017.

وقالت “إدارة الشاي الوطنية” في تقرير صدر مؤخرا إن “إنتاج كينيا من الشاي يتوقع له أن يصل إلى 416 مليون كيلوجرام العام الجاري متراجعة عما تم إنتاجه العام الماضي 2018، وهو ما يعزى بصورة رئيسية إلى ديناميكيات ومتغيرات الظروف المناخية في مناطق استزراع الشاي.” كما يتوقع أن تشهد مبيعات الشاي في السوق المحلي ارتفاعا بنسبة 5 في المائة ليصل إلى 40 مليون كيلوجرام، ما يعزز المكاسب المحلية المتوقعة لتصل إلى 180 مليون دولار مقابل 160 مليوناً تحققت في عام 2018.


بحث