هناك نظرية فلسفية فيزيائية تسمى بنظرية “تأثير الفراشة – The butterfly Effect” ترجع لعالم الرياضيات وعالم الأرصاد الجوي الأمريكي (إدوارد لورينتز) وهي جزء من نظرية الفوضى، تنص هذه النظرية إلى إن حركة بسيطة – مثل رفرفة جناحي فراشة – قد تتسبب في إعصار ضخم في أقصى بقاع العالم. فهناك روابط خفية بين الأحداث المختلفة ولا وجود للصدف على الإطلاق.
هذه النظرية تؤمن بإن تغييرا بسيطا جداً في نظام شديد التعقيد يؤدي مع مرور الوقت إلى عواقب مختلفة في أمكان متفرقة ليس على محيط بسيط، بل حول العالم ككل. فالأحداث الصغيرة تتحول مع الوقت إلى مثيرات خارجية تعمل على تكبير كل الظروف المحيطة بالحدث مما تؤدي إلى نتائج مفاجئة غير متوقعة.
فبحسب رأي الكاتبة إن غالبية العلاجات التي تستخدم في علم النفس ترتكز في المقام الأول على هذه النظرية.
فالعلاج المعرفي السلوكي CBT الذي طوره الطبيب النفسي آرون بيك مؤسس معهد بيك، تقوم فكرته على إن الأفكار والمشاعر والسلوكيات هي مترابطة، وإن طريقة تفكرينا تؤثر بشكل مباشر على مشاعرنا وسلوكياتنا، وبمساعدة الشخص على تغيير أفكاره ومعتقداته يمكنه التغلب على الكثير من المشاكل والأزمات التي يمر بها. فتغيير بسيط في نمط تفكير الشخص يؤدي إلى تغيير جذري في حياة الشخص وحياة من حوله وقد يكون في حياة البشرية جمعاء كما تنص نظرية تأثير الفراشة.
العلاج الجدلي السلوكي DBT الذي وضعته عالمة النفس الأمريكية مارشا لينهان، تنطبق عليه كذلك نظرية تأثير الفراشة، فمن خلال جلسات العلاج الجدلي السلوكي – الذي يركز إلى تعديل المشاعر المتأرجحة والحادة والتي تتسبب في سلوكيات غير متوقعة وصادمة – يستطيع الشخص تعلم كيفية إدارة انفعالاته، والتي إن تم التأثير عليها وتغييرها فردود فعله بأكملها ستتغير تبعاً لذلك.
وفي مدرسة التحليل النفسي لسيغموند فرويد، التي تركز على دور العقل اللاواعي في تشكيل السلوك، نستطيع من خلال فهم الغرائز والرغبات الأساسية للشخص فهم واستكشاف عمق الشخصية الإنسانية، وبالتالي ووفقاً لما نتوصل له نستطيع وضع استراتيجيات لحل هذه النزاعات الداخلية. فالتنقيب في داخل الذات البشرية من خلال الوصول للعقل اللأواعي يتيح لنا مجال لتغيير ما هو مخبأ هناك وبالتالي التأثير على حياة الشخص ككل.
ومن جهة أخرى إذا طبقنا هذه النظرية على المجتمع الدولي والأزمات التي تواجه. نستطيع القول إن الحروب العالمية الأولى والثانية أحدثت تغيير جذري في تاريخ العالم. فأغلب المتخصصين والخبراء في العلوم السياسية ينظرون إلى العالم على ثلاث مراحل. المرحلة الأولى هي مرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى والثانية (مرحلة ما قبل عصبة الأمم)، المرحلة الثانية هي مرحلة الحرب العالمية الأولى والثانية (مرحلة عصبة الأمم)، والمرحلة الثالثة هي مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى والثانية (مرحلة تطور عصبة الأمم إلى الأمم المتحدة). فهناك روابط خفية بين هذه الأحداث وفقاً لنظرية تأثير الفراشة ولا وجود للصدف على الإطلاق. فقد أثار ما خلفته الحروب العالمية من دمار ردات فعل واسعة وأثرت على دور الدول في حفظ السلم والأمن العالمي.
فأي فعل ولو كان صغير جداً، ينتج عنه سلسة من الأحداث المتتابعة والمترابطة.