بعد دعوات لمقاطعة شراء الفاكهة من الأسواق، بسبب الارتفاع الجنوني في أسعارها، مما أدى إلى استياء شديد لدى المستهلكين، مستغربين الارتفاع الجنوني للأسعار بصورة غير مبررة وواقعية لا تتناسب مع آليات العرض والطلب أو انخفاض المعروض من منتجات الفاكهة، بينما اتهم خبراء آخرون التجار والسلسلة الوسيطة بالمسؤولية عن هذه الموجة من الارتفاعات لجني المزيد من الأرباح، وبين الأول والثاني يظل الحل الممكن، وهو دور الرقابة على فك الاشتباك بين مختلف الأطراف لتحقيق التوازن والاستقرار في الأسعار.
قال المهندس محمود عطا، رئيس الإدارة المركزية للبساتين والمحاصيل الزراعية بوزارة الزراعة، إن الارتفاع الحالي في أسعار الفاكهة غير مبرر، ويرجع إلى السلسلة الوسيطة في التداول، وهي المسؤولة عن رفع أسعار الفاكهة، موضحا أن أسعار الفاكهة في مزارع الإنتاج تصل إلى 30% من سعرها في الأسواق بمختلف المحافظات، مدللا علي ذلك بأن أسعار التمور تتراوح ما بين 15 جنيها للكيلو جرام للأصناف الشعبية من البلح الطازج، و12 جنيها للأنواع الفاخرة، بينما يتم بيعها في الأسواق بأسعار لا تقل عن 12 جنيها، وتصل إلى أكثر من 40 جنيها، وهو ما يحدث أيضا في أسعار الرمان بسعر 3 جنيهات في المزارع، وتصل للمستهلك بأكثر من 10 جنيهات، أو 6 جنيهات لأنواع شعبية من المانجو إلى 18 جنيها لمانجو العويس، بينما تصل للمستهلك بأكثر من 40 جنيها للكيلو جرام.
وأضاف «عطا» أن «الفلاح المصري يحصل علي عائد متدني من تسويق محصوله من الفاكهة علي مدار موسم كبير وممتد لعدة شهور، لا يتناسب العائد من بيع المحصول مع هامش الربح الذي يستهدفه، وهو ما يحصل عليه التاجر والسلسلة الوسيطة في مدة لا تتجاوز عدة أيام وأضعاف ما يحصل على المزارع»، مشددا على أهمية دور الوزارات المعنية بالرقابة علي الأسواق في الاستفادة بالخريطة الصنفية لمنتجات الفاكهة بمختلف المحافظات لتدقيق كميات المعروض والطلب، للتأكد من تحقيق الأسعار العادلة لصالح المنتج والمستهلك وليس لفئة معينة.
يأتي ذلك بينما طالب مصادر رسمية بوزارة الزراعة بتفعيل دور الأجهزة الرقابية ووزارة التموين في ضمان المنافسة في السلسلة الوسيطة لتداول منتجات الفاكهة، وإحالة المخالفات إلي جهات التحقيق، أو قيام الوزارات المعنية بفتح منافذها للتسويق المباشر لمنتجات الفاكهة.
فيما طالب خبراء بالتوسع في شبكات التسويق الاليكتروني لمنتجات الفاكهة من خلال شركات تخضع لرقابة الدولة تضمن المنافسة بين التجار وتضمن تسويق المنتجات بأسعار تحقق هامش ربح مناسب للتاجر والمزارع وتلقي القبول لدي المستهلك.
من جانبه، قال حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إن مقاطعة شراء الفاكهة يضر بالمزارع أكثر من التاجر ويهدد الأمن الزراعي ولا يحل مشكلة زيادة أسعار الفاكهة، لأن السبب الحقيقي وراء ارتفاع أسعار الفاكهة ليس جشع التجار كما أشيع، ولكن يرجع ذلك لقلة العرض مقابل كثرة الطلب، موضحا أن ذلك يعود لتعرض معظم محاصيل الفاكهة للآفات والأمراض التي أدت إلى انخفاض المعروض من المانجو، وتأثرت باقي الفواكه بنسب مختلفة.
وبرر نقيب الفلاحين أسباب الارتفاع، بارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية من أسمدة وتقاوي والآلات الزراعية وأيدي عاملة بشكل جنوني، كما أن تصدير بعض المحاصيل في ظل هذا المناخ يؤدي لزيادة الأسعار في السوق المحلية، بالإضافة لبعد الأسواق عن أماكن الإنتاج، وارتفاع تكلفة النقل وتعدد التجار من تاجر الجملة والتجزئة.
وأكد «حسين» أن علاج هذه الأزمه لا يكون بمقاطعة السلعة، وإنما علاج أصل المرض، وهو القضاء على الآفات التي قضت على المحصول، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك في وزارة الزراعة والجهات المعنية، لأن النظر إلى السعر دون علاج سببه هو علاج للعرض وليس للمرض، مشيرا إلى أن تحقيق التوازن بين العرض والطلب هو مسؤولية الدولة، بحيث لا يقل سعر المنتج فيضر الفلاح أو يزيد سعر المنتج فيتضرر المستهلك، أو أن يستفيد طرف ثالث من المعادلة، وهو التاجر والسلسلة الوسيطة، وهو ما يؤكد دور الدولة في تحقيق التوازن في المعادلة الثلاثية التي تضم المنتج والوسيط والمستهلك.