أعرب الرئيس اللبناني ميشال عون عن تطلع بلاده أن تستأنف الولايات المتحدة الأمريكية جهود الوساطة التي كانت تقودها للتوصل إلى ترسيم الحدود البرية والبحرية في الجنوب اللبناني (مع إسرائيل) من حيث توقفت، لا سيما وأن نقاطا عدة قد تم بالفعل الاتفاق عليها ولم يبق سوى القليل من النقاط العالقة في بنود التفاوض.
جاء ذلك خلال استقبال “عون” صباح اليوم لمساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأوسط ديفيد شنكر، والذي يزور لبنان للمرة الأولى منذ توليه مهام منصبه قبل نحو شهرين، خلفا للسفير ديفيد ساترفيلد الذي أصبح سفيرا للولايات المتحدة الأمريكية لدى تركيا.
وأكد عون التزام لبنان بقرار مجلس الأمن رقم 1701 (الصادر في أعقاب العدوان الإسرائيلي صيف عام 2006) مشيرا في نفس الوقت إلى أن إسرائيل لا تلتزم بالقرار الدولي حيث تواصل اعتداءاتها على السيادة اللبنانية في البر والجو والبحر.
وشدد الرئيس اللبناني على أن أي تصعيد من قبل إسرائيل تجاه لبنان، سيؤدي إلى إسقاط حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة الحدودية منذ حرب عام 2006.
وأشار إلى أن لبنان ماض في تسهيل عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، لافتا إلى أن عدد العائدين إلى سوريا طواعية بلغ حتى الآن 352 ألف نازح وأنهم لم يواجهوا أي مشاكل، داعيا في هذا الإطار الولايات المتحدة إلى مساعدة لبنان على تسهيل عودة النازحين إلى أرضهم، خصوصا وأن لبنان لم يعد قادرا على تحمل المزيد بعد التداعيات السلبية جراء أزمة النزوح السوري والتي أصبحت تطال كافة القطاعات اللبنانية نتيجة تزايد أعدادهم.
وقال إن المنظمات التابعة للأمم المتحدة والهيئات الإنسانية الأخرى، بإمكانها أن تقدم المساعدات إلى النازحين داخل سوريا، مشيرا إلى أن هذا الأمر يساعد في عودتهم إلى بلداتهم وأرضهم، معربا عن خشيته أن يكون موضوع النازحين السوريين قد تحول إلى “مسألة سياسية” يجري استغلالها بدلا من التعامل معها من زاوية إنسانية.
وأعرب الرئيس اللبناني عن تقديره للولايات المتحدة الأمريكية على المساعدات التي تقدمها إلى لبنان عموما، وللقوات المسلحة بشكل خاص.
من جهته، أكد مساعد وزير الخارجية الأمريكي دعم بلاده استقرار لبنان، والحرص على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ودعمها في كافة المجالات، لا سيما في ما يتعلق بدعم الجيش اللبناني وأجهزة الأمن الأخرى.
وأشار إلى وجود استعداد لدى الولايات المتحدة لتجديد مساعيها من أجل المساهمة في البحث في ترسيم الحدود البرية والبحرية في الجنوب اللبناني.
وكان السفير ديفيد ساترفيلد يقود – خلال الأشهر الماضية – وساطة بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البرية والبحرية، وهي المهمة التي يتوقع أن يستكملها ديفيد شينكر، خصوصا وأن لبنان يريد التعجيل بإنهاء ملف ترسيم الحدود البحرية حتى يمكن له الاستفادة من المنطقة الاقتصادية التي تقع داخل نطاق المياه الإقليمية اللبنانية في البحر المتوسط والتي تحتوي على مخزون كبير من النفط والغاز.
وكانت مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، التي كان يتم التمهيد لها بوساطة أمريكية، قد أصيبت بانتكاسة مطلع شهر يوليو الماضي، بعدما رفضت تل أبيب أن تترأس الأمم المتحدة المفاوضات بين الجانبين، فضلا عن الإصرار الإسرائيلي على فصل مفاوضات ترسيم الحدود البرية عن البحرية في العملية التفاوضية مع تحديد سقف زمني للتفاوض، وهو الأمر الذي يعترض عليه لبنان كونه يعني أن يدخل في مسار “تفاوض سياسي مباشر” مع إسرائيل في هذا الملف، في حين أن بيروت ترغب في “تفاوض تقني” برعاية أممية.
وسبق ورفض لبنان في عام 2012 مقترح المبعوث والوسيط الأمريكي السابق فريدريك هوف لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وهو المقترح الذي عُرف بـ “خط هوف” والذي تضمن تقسيم الحدود البحرية المتنازع عليها، بحيث يحصل لبنان على 500 كم مربع، فيما تحصل إسرائيل على 360 كم مربعا، حيث شدد لبنان على أن الحدود البحرية الشرعية من جهة الجنوب تبلغ 860 كم مربعا وأنه لن يقبل بالتنازل عن جزء منها.
وبدأت إسرائيل – قبل عدة أشهر – أعمال الحفر والتنقيب في حقل (كاريش) البحري الإسرائيلي والذي يبعد نحو 5 كيلومترات فقط عن الحدود البحرية اللبنانية، وكذلك أعمال استكشاف حدودية لحقول نفط وغاز في البحر المتوسط و”آبار إنتاجية” مشتركة بين البلدين، على نحو يخشى معه لبنان أن تسحب إسرائيل من حصته النفطية في تلك الحقول المشتركة.