أسدلت محكمة النقض الستار على واحدة من من أكثر القضايا إجراما ودموية، بعدما أيدت برئاسة المستشار عابد راشد، حكم الإعدام لمتهم أدين بحرق محطة وقود في المنصورة وقتل 7 أشخاص والشروع فى قتل 10 آخرين عمدا، وذلك إبان أزمة نقص المواد البترولية عام 2013.
تعود الواقعة إلى وقت حدوث أزمة نقص المواد البترولية في 1 يوليو 2013 عندما ذهب المتهم بدراجته البخارية إلى إحدى محطات البنزين الواقعة جنوب المنصورة بمحافظة الدقهلية، مقتحما طابور السيارات المنتظرة، طالبا من مسئولي المحطة ملئ عدد من «الجراكن» بحوزته بالبنزين بالمخالفة للقانون، وعند مقابلة طلبه بالرفض هدد بإشعال النيران في المحطة، ثم أخرج من ملابسه “ولاعة” وسحب خرطوم أحد مضخات البنزين، ليتحول المكان إلى كتلة نيران؛ ما أدى إلى وفاة 7 أشخاص وإصابة 10 آخرين.
وأحيل المتهم إلى محكمة جنايات المنصورة فى 14 أبريل 2014 التي قضت بإعدامه شنقا، فطعن المتهم على الحكم، لتبطل محكمة النقض فى 13 مارس 2016 حكم أول درجة وتعيد القضية مرة أخرى لدائرة مغايرة بمحكمة جنايات المنصورة للبت فيها، والتي قضت بدورها فى إعادة المحاكمة بإعدام المتهم شنقا أيضا وذلك فى 16 أغسطس 2017، وهو الحكم الذي أيدته محكمة النقض مؤخرًا فى حكمها المتقدم، والذي بات نهائيا واجب النفاذ ولايجوز الطعن عليه بأي وجه من الوجوه.
وذكرت محكمة الإعادة فى حيثيات حكمها -والذي أيدته النقض- أنه حال وقوف رواد المحطة متراصين صفوفاً كلا فى دوره، جاء المتهم وهو من أرباب السوابق بدراجة بخارية حاملا أواني فارغة «جراكن» طالبا ملؤها بالبنزين على عجل غير مكترث بمن سبقه إلى المكان، ضاربا عرض الحائط بالنظام الذي لم يعتاد عليه.
وأضافت محكمة الجنايات أنه حال طلب مسئولي المحطة من المتهم الانتظار، أخرج لهم من طيات ملابسة «ولاعة» مهدداً ومتوعدا بإشعال المحطة نارا -متكئاً على خطورته الإجرامية فطالما جاء المحطة وأثار فيها المشاكل-، منوهة إلى أن مدير المحطة خرج وأعاد على المتهم طلب الانتظار حتى يحين دوره، فلم يروق له ذلك، وأراد أن يحدث عملاً جللاً تذيع به سطوته الإجرامية، فانتزع خرطوم أحد مضخات البنزين الذي منبعه مخزن الوقد أسفل المبنى ووضع فيه النار عمداً بموقد متمثل فى ولاعة.
وأشارت المحكمة فى حيثيات حكمها أن النيران سارت جحيما فى المكان، ولأن المتهم كان عالما بفعلته والنار الهول التي أشعلها؛ هرع وبرح مسرح الحادث كالبرق، تاركا الضحايا من خلفه ممن تواجدوا بالمكان دون ذنب أتوه يصارعون الموت فتشوي كثيرا منهم بنارها، فمنهم من قضي عليه الموت حرقا، إذ عزت وفاتهم إلى حروق نارية من الدرجات الثلاث الأولى المنتشر بالجسد من ملامسه سطح الجسم فى تلك المواضع لحرارة شديدة كلهب النار، ومنهم من مات بسبب مضاعات والتهابات الحريق.
من جانبها قالت النقض إن حكم الجنايات أثبت فى حق المحكوم عليه ارتكابه للجرائم التي دانه بها وساق إليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها فى الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، مشيرة إلى أن حكم الإعدام صدر بإجماع أراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي المفتي قبل صدوره وفقا للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية.
وأوضحت النقض أن إجراءات المحاكمة تمت طبقا للقانون، وجاء حكم الجنايات متفقا وصحيح القانون وبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أنه يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة 5 من قانون العقوبات باعتباره قانون أصلح له، ما يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدامه شنقا.