انزعاج الدكتور “مصطفى الفقى”… بقلم – مختار محمود

مقالات , No Comment
  1. أعلنُ أنا الموقِّع أعلاه عن تضامنى الكامل مع الدكتور “مصطفى الفقى”؛ بشأن انزعاجه من تفاقم ما أسماه “ظاهرة النفاق السياسى”، وإن لم ينزعجْ مثلك، يا دكتور، فمن ينزعج إذن؟ انزعج، ولا تتوقف يا دكتور عن الانزعاج، ونحن معك مُنزعجون، فلا يصحُّ أن نتركك تنزعج وحيداً فريداً.
    من حقك، يا دكتور، أن تنزعجَ؛ فقد بلغ السيلُ الزُّبى، واتسع الرتقُ على الراتق، ولم تعدْ هناك خطوطٌ حمراءُ ولا سوداءُ فى النفاق السياسى، وأصبح الصغار يزاحمون الكبار فى مسح الأجواخ، وتقديم فروض مجانية للولاء والطاعة، وهذا لا يجوز.
    المنافقون الجدد، يا دكتور، عشوائيون هواة، لم يتخرجوا فى كليات العلوم السياسية مثلك، ولم يتقنوا قراءة التاريخ والواقع والمستقبل مثلك، ولم يتناوبوا على الموائد مثلك، ولم يكونوا يوماً قريبين من دوائر صنع القرار مثلك.
    هل هزُلتْ يا دكتور، حتى يتقافز أشبالُ المنافقين على أعناق وأكتاف الأساتذة المُخضرمين؟ ويتجاوز صغار المنافقين آباءَهم الذين علموهم النفاق والمكر واللؤم والحصول على المناصب الرفيعة والمكاسب الكبيرة بأقل مجهود؟
    إننى -بكل إخلاص- أقدرُ غضبك وحزنك من نفاق المنافقين، الذين يلوون عنق الحقيقة، ويبطلون الحق، ويحقون الباطل، ويُصدقون الكذب، ويُكذبون الصدق، ومثل هذا لا يُرضيك بطبيعة الحال.
    كلنا نعلمُ، يا دكتور، أن انتفاضتك ضد هذه الظاهرة الأسوأ فى المشهد السياسى، ليستْ دفاعاً عن مصالحك الشخصية، لا قدَّر اللهُ، كما يقول المزايدون والمرجفون والذين فى نفوسهم مرضٌ، ولكن من أجل التمكين للقيم النبيلة والمبادئ المثالية.
    كلنا نعلمُ، يا دكتور، أنك كنتَ دائماً وأبداً مُتصدراً لصفوف المعارضة منذ زمن الرئيس الراحل “أنور السادات”، وحتى يومنا هذا، فلا تعجبك “حالٌ مائلٌ”، ولا وضع معوَّج، وتصدع باستمرار بكلمة الحق والصدق، لا تخشى لومة لائمة، ولا غضبة غاضب.
    الحمدُ لله، يا دكتور، أن أخرج من بين ظهرانينا، فتىً يافعاً مثلك يكشف هؤلاء المنافقين الذين يفسدون فى الأرض، ويحسبون أنهم يحسنون صُنعاً، ويفضح عوارهم، ويرصد سلوكياتهم المشينة، ويعلنها على الرأى العام.
    من المؤكد.. يا دكتور، أنك مُنزعجٌ ممن يخدعون ويكذبون ويخلطون الدين بالسياسة، والسياسة بالدين، وممن يتعاملون مع عموم المواطنين باعتبارهم سذجاً لا وزن لهم ولا تقدير.
    من المؤكد.. يا دكتور، أنه يُحزنك أن تربط قيادة دينية بارزة بين قرارات رئاسية، وبين حادثة الإسراء المعراج، وربما لا تزال مُضرباً عن الطعام، ممتنعاً عن الذهاب إلى أعمالك الكثيرة، وارتباطاتك العديدة، احتجاجاً على ما أقدم عليه هذا الشيخ الماكر.
    ولا شك.. يا دكتور، أنه يُحزنك أن تتحول مقدمة نقل شعائر صلاة الجمعة- مثلاً- إلى وصلة من النفاق المكشوف والتملق المفضوح، فتتحولَ فريضة دينية إلى محاضرة سياسية مُوجهة.
    من المؤكد.. يا دكتور، أنه يُحزنك توظيفُ الإعلام، صحافة وتليفزيوناً وإذاعة، لوجهة نظر وحيدة لا تقبلُ تغييراً أو تبديلاً، ولا يجوز الخروج عنها من قريبٍ أو بعيدٍ.
    وأظنُّ.. يا دكتور، وبعضُ الظن ليس إثماً، أنك لن تكتفى بالحزن أو الإدانة أو الاستنكار أوالشجب، ولكنك قد تتخذ خطواتٍ عملية، كأن تنظم دوراتٍ مُتخصصة، داخل مكتبة الأسكندرية التى ترأسها، لتخريج أجيال من “المنافقين المحترفين” الذين يصيبون الهدف، ويحققون الغرض، بدون ضجة أو ضوضاء، ودون أن يثيروا غضباً شعبياً أو نخبوياً، ومُتسلحين بأسلحة الذكاء الشامل والدهاء الكامل.
    ومن المؤكد.. يا دكتور، أنك لن تبخل عليهم بعلمك الذى لا ينفدُ، وقدراتك التى لا تتوقف، وخبراتك التى لا تنتهى، وحينئذٍ، لن تكون منزعجاً ولا غاضباً، فلا عاش من أزعجك، ولا طاب من أغضبك، وبقيتَ مدافعاً ومناضلاً من أجل قيم الحق والصدق والثبات على الموقف..

بحث